زیارة الأربعین درس فی السخاء | ||
زیارة الأربعین درس فی السخاء محمود الربیعی
مسیرة الأربعین إسهام کبیر فی توحید مواقف الجماهیر تعتبر مسیرة الأربعین أحد الممارسات الروحیة العالیة التی تؤلف بین قلوب الناس وتوحد صفوفهم، ففی هذه المسیرة یشارک الآلآف بل الملایین أحیاناً فی تظاهرة جماهیریة سلمیة عظیمة لاتشابهها أیة تظاهرة ومسیرة فی العالم أجمع، تتحرک فیها الجماهیر من کل صوب ومن مختلف أنحاء العراق والعالم الإسلامی والعربی ومن مختلف الدول الأوروبیة وبقیة الدول فی العالم. وفی هذه التظاهرة یشترک الجمیع فی المسیر والمبیت والطعام، والصلاة والدعاء فی کل بقعة من بقاع الأرض خصوصاً داخل العراق وعلى أرضه، کما یشارک فی هذه التظاهرة جمع من أهل العقائد والأدیان ومنهم المسیحیین، یتبادل فیها المتظاهرون الأحادیث الروحیة والإنسانیة، ویتبادلون الأفکار والثقافات فیما بینهم، وبالتالی فالمسیرة هی بمثابة دعوة الى الله عز وجل، وإلى تعالیم الإسلام، وإلى محبة آل بیت النبی محمد صلى الله علیه وآله وسلم.. وهی أیضاً دعوة للتطهر والتحرر من ربق النفس وآثامها وتطلع الى القیم الفاضلة التی دعى الیها الإسلام. زینب علیها السلام والمسیرة.. ومسیرة المواساة الأربعینیة إن لنا فی مسیرة أسرى الطف حباً ورغبة فی مواساة أهل البیت علیهم السلام، وإن مشارکتنا فی مسیرة الأربعین إعلان لمظاهر الحزن تجاه مامر من أحزان على السیدة زینب علیها السلام التی لاقت أقسى حملة ظالمة شهدها التأریخ. کما نشارک أحزان کل من کان أسیراً من ذلک البیت الطاهر مما لاقى من ویلات البیت ألأموی الذی تمادى فی غیه وطغیانه، أولئک الأشرار الذین أرتکبوا جرائمهم الکبرى بقتل الإمام الحسین علیه السلام وأصحابه وحملوا الرؤوس الشریفة المقطوعة على مرأى من عیون الأبریاء والصالحین والصالحات من أسارى الطف الذین فقدوا أعزائهم وأولیائهم. المسیرة ترویض للنفوس المؤمنة تعتبر مسیرة الأربعین الکبرى ترویح للنفس وأسلوب حضاری للتعبیر عن الحزن والإستنکار للجرائم التی أرتکبتها العصابات المجرمة فی کربلاء یوم العاشر من محرم الحرام. کما یعتبر إبداء مظاهر الحزن من خلال التعزیة نوع من التفاعل الإیجابی تجاه ماجرى من سلبیات أرتکبتها العصابات الأمویة تجاه البیت النبوی المطهر الشریف، وعلى هذا الأساس فإن ظاهرة المشی فی أربعینیة الإمام الحسین علیه السلام هی نوع من أنواع العزاء والمواساة التی تعبر عن أسف ضمیر الأمة والبقیة الصالحة من المؤمنین. وبودنا أن نشیر الى الإیجابیات التی تنشأ عن تلک المسیرة التی تشجع على تکوین صداقات إجتماعیة طیبة یتبادل فیها المتعارفون ثقافاتهم الجیدة فیخرجون بذلک إلى عالم رحب یمتلئ بالحیاة والتفکیر والتأمل.. فالمسیرة إذن هی ترویض للنفس وحثها على الأخذ من القیم الفاضلة والمبادئ السامیة وتمهد للإنسان لکی ینهل من تلک الواقعة عناوین جدیدة للحیاة الفاضلة. مسیرة الأربعین مسیرة الشجعان إن مسیرة الأربعین السلمیة السنویة کانت ولاتزال وستبقى تعبیر عن صوت الإنسانیة وضمیرها الرافض للعنف والجریمة، وطریق محبة لنداءات السلم والسلام والحریة والعدالة، وإن کل مازرعه السلوک الأموی لنظام حزب البعث من خوف فی نفوس العراقیین الشرفاء تحول برغم کل الجرائم والتفجیرات الدمویة الى دروس إضافیة فی الشجاعة والصمود والإصرار والبسالة أخذت مکانها فی قلوب زوار الإمام الحسین علیه السلام وقلوب کل العاشقین للحریة وإلإسلام. مواکب المحافظات تعبیر عن موقفها المنسجم تجاه مسیرة أربعینیة الإمام الحسین علیه السلام ومما یلفت النظر أن یرى الإنسان أسماء مواکب المحافظات العراقیة هنا وهناک ممثلة لجماهیرها العریضة وکل مانراه هو بمثابة تعبیر وطنی وإنسانی رائع یشکل حلقة إتصال وتواصل بین الولائیین من محبی أهل البیت علیهم السلام الیوم وغداً. کربلاء مدینة الولاء وأما کربلاء فهی مدینة مقدسة شاء الله أن تحتضن الجسد الطاهر للإمام الحسین علیه السلام وتحتضن بقیة الأجساد الطاهرة من أصحابه المیامین، وعلى هذه الأسس والإعتبارات القدسیة أصبحت کربلاء قبلة لزوار الإمام الحسین علیه السلام حیث یقدمون له فیها آیات الحب والولاء ویجددون العهد بین یدیه على نصرة الإمام المهدی المنتظر علیه السلام. الحضور المسیحی فی کربلاء المقدسة إن للإمام الحسین علیه السلام فی قلوب المسیحیین محبة خاصة وذلک لوجود تلاقی بین مایحمله المسیحییون من فکرة صلب السید المسیح علیه السلام وهو فی نظرنا الشبیه ولایمنع ذلک من حقیقة الصلب نفسه سواء من وجهة نظرهم أم من وجهة نظرنا. فالتشابه بین تلک التضحیة وبین تضحیة الإمام الحسین علیه السلام شجع المسیحیون فی العراق وفی بعض الدول على أن یقدموا لزیارة الإمام الحسین علیه السلام فی هذه المناسبة بإعتبار أن الإمام الحسین علیه السلام مات شهیداً ومن أجل إعلاء مبادئ العدل والحریة والسلام کما کان علیه السید المسیح أو شبیهه بنظرنا. تنامی المواکب الحسینیة ومخیمات الخدمة الحسینیة کما أن إحساس الجماهیر المتنامی بضرورة إحیاء الشعائر الحسینیة دفع الناس الى تعمیم تلک المظاهر بحیث عمت العدید من الدول ومنها الدول الاوروبیة التی أصبحت جالیاتها المسلمة تقیم مواکب العزاء ومظاهر الحزن فی مسیرات منظمة تحیی فیها ذکرى واقعة الطف. إن إحیاء هذه المناسبة هو إحیاء لمظاهر الحق التی تجلت فی وقوف الإمام الحسین علیه السلام وأصحابه فی وجه الظلم والفساد الذی طال الحالة الإسلامیة فی ذلک الحین والذی ترک آثاره فی کل مفاصل الدول الحاکمة ذات النموذج الأموی الذی یحکم العالم الیوم. تجدید البیعة وإعلان الولاء کما إننا نؤمن بأن کل المشارکات الجماهیریة ومظاهر إعلان الحب والولاء للامام الحسین علیه السلام هو عنوان تجدید البیعة والنصرة لمسیرة أبی عبد الله الحسین علیه السلام، ولنا فی أصحابه الأسوة الحسنة والقدوة المبارکة التی نهتدی بها فی عالم تسوده شریعة الغاب وتحکم فیه قوى الشر والظلام. نسال الله تعالى أن یعز بالإمام المهدی علیه السلام دولة الإسلام وأهله ویذل بها النفاق وأهله، ویجعلنا من الدعاة الى طاعته والقادة الى سبیله ویرزقنا خیر الدنیا والآخرة إنه أرحم الراحمین.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,409 |
||