معنى القوامة فی المفهوم الاسلامی | ||
معنى القوامة فی المفهوم الاسلامی شمران العجلی ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَیْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللَّاتِیْ تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَکُمْ فَلاَ تَبْغَوا عَلَیْهِنَّ سَبِیلاً إِنَّ اللّهَ کَانَ عَلِیّاً کَبِیرا)) النساء /34. الزوجیة فی الوجود سنة الله تعالى فی خلقه ((وَمِن کُلِّ شَیْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَیْنِ)) الذاریات/49. والانسان جزء من الوجود، والزوجیة جزء من فطرته ((وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُم مِنْ أَنفُسِکُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْکُنُوا إِلَیْهَا)) الروم/21. والعلاقة الزوجیة هی عملیة ارتباط وملازمة بین شطری النفس الواحدة لیکوّنا وحدة بناء العنصر الانسانی، فکان لابد من تنظیم هذه العلاقة وتنظیم حرکتها داخل مؤسسة الاسرة وداخل المجتمع. وبما ان النظام الاسلامی یتعامل مع المجتمع وفقا للکفاءات المتوفرة والاستعدادات المهیأة والاختصاصات المتاحة ((لاَ یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا)) سورة الطلاق/7. وبما ان الباری عزوجل هو خالق الانسان وهو اعلم بکفاءته وما اتاه من قدرة وامکانیة ((أَلَا یَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ)) تبارک/14. وبما ان القرآن الکریم هو وحی الله سبحانه انزله على قلب نبیه العظیم محمد صلوات الله علیه فقوله حق وحکمه حق ((الرجال قوامون على النساء)) وفقا لاستراتیجیة الله تعالى فی الاسرة والمجتمع ووفقا لهدفیة النظام فی خلق الاستقرار والسکن والانسجام داخل الاسرة ومنعا للفوضى والتمزق والضیاع داخل الاسرة وداخل المجتمع. حینما تتوزع الاعمال والوظائف وکل یتحرک ویعمل لما خلق له فلا تزاحم ولاتعارض انسجاما مع حرکة الکون وبناء الکون .. ولیس فی ذلک ظلم للمرأة او تکلیف بما لایطاق للرجل وربک اعلم انه یخلق ما یشاء ویختار. ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض)). هذه القوامة مأخوذة من الفعل قام بالامر ای حافظ علیه واصلحه ولازمه ولم یقل سبحانه: ((الرجال سادة على النساء او مسلطون على النساء)) بل اختار لفظا یناسب مهمة الرجال ومهمة المرأة فی الأسرة والمجتمع، ((قوامون)) تفید معنى الاصلاح والعدل، لانک لو رجعت الى الفعل قام فی القرآن لوجدته یتحرک فی سبل العدل والاستقامة والمتابعة والرعایة والاصلاح. ان ای مؤسسة او دائرة او شرکة تحتاج الى رئیس کفء، وکل حکومة او دولة تحتاج الى رئیس او امام وایة جماعة تحتاج الى امام. فی صلاة الجماعة فی الجیش فی المدرسة، وحتى عند المجموعات الحیوانیة الاخرى مثل النمل والنحل والطیور، ولاتشذ الاسرة عن ذلک ((وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلهَیْنِ اثْنَیْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ)) النحل/51. اذن تنظیم الاسرة وضبط الامور فیها وتوزیع الاختصاصات والمحافظة على الاسرة من التهدیم والتدمیر یحتاج الى افراد القوامة والرئاسة باحد الزوجین اللذین التقیا على حب الله وشرعه، واراد الله تعالى ان یکون هذا اللقاء سکنا للنفس ورحمة وسترا وصیانة ونواة لبناء الامة المسلمة الرائدة الشاهدة. الاسرة المسلمة التی کلما کانت منسجمة مع بعضها موحدة فی الهدف والقرار والتوجیة، وکان الحب والصفاء والتناصف یغذی العلاقة الزوجیة باستمرار کانت اروع مقلع لبناء المجتمع وکانت محط ملائکته ورحمته وبرکاته: ((رحمة الله وبرکاته علیکم اهل البیت)) هود/73. فقال سبحانه: ((الرجال قوامون على النساء)) فافرد القوامة للرجل، وحینما نستمر بقراءة الآیة نجده یقول: ((بما فضل الله)) والباء فی ((بما)) سببیة وما مصدریة ای ان التفضیل لسبب جعل الله تعالى فی الرجال لان هناک مهمة تناط بهم یحتاجها ذلک التفضیل ولفض النزاع عند اتخاذ القرار. ثم یقول: ((بعضهم على بعض)).. قال المفسرون: الضمیر فی بعضهم ای ((هم)) عائد على الرجال والنساء، والمراد ببعضهم الاول الرجال وبالثانی النساء، والمراد ببعضهم على بعض بعض الرجال وبعض النساء، ای ربما فضلت انثى على ذکر، وفی هذا دلیل على ان الولایة والرئاسة والامامة تستحق بالفضل والکفاءة لابالتغلب والاستطالة. هذه القوامة حددها الشرع کما حدد وظیفة المرأة داخل الاسرة وداخل المجتمع قیل هی النبوة والخلافة والجهاد وانتساب الاولاد وتوفیر الحاجات الضروریة وتوفیر الحمایة وبالانفاق علیها. قال الزجاج: ((الرجل قیّم على المرأة فیما یجب لها علیه فاما غیرذلک فلا)) ای یقوم بواجباته تجاهها وتجاه الاسرة، لذا جاء قوله تعالى داعیا المرأة باسلوب رقیق الى واجباتها تجاه الزوج باسلوب ((فالصالحات قانتات حافظات للغیب بما حفظه الله)) القانتات ای الطائعات لامر الله تعالى عن ارادة وتوجه ورغبة ومحبة. ومن سنة الله تعالى توثیق العلاقة الزوجیة بالطاعة والخضوع واللین والرقة وافاضة الحب والحنان. ولم یقل: ((فالصالحات طائعات)) بل اعطاها کلمة رقیقة تدل على الوقار والهدوء والسکینة. المرأة اتاها الله تعالى الرقة والعطف والحنان وسرعة الاستجابة والانفعال لمعالجة مطالب الطفولة، استجابتها لذلک بدون وعی انها غائرة فی غریزتها وطبیعتها تجعل الاستجابة لاارادیة وکأنها قسر ولکنها لذیة عندها ومتسحبة، تلک فطرة الله تعالى، لتتحمل مشقة التربیة والتنشئة وهی سعیدة ((صنع الله الذی اتقن کل شیء)). المرأة من وظائفها داخل الاسرة انها تخلق السکن والجو العائلی والراحة والهدوء داخل العائلة، انها تحمل وتضع وترضع وتکفل، وهی وظائف ضخمة جدا لایقدر علیها العظماء من الرجال، ولکن المرأة تؤدیها بعفویة. انه من الظلم ان تکلف المرأة بالتربیة داخل العائلة وبتهیئة الجو العائلی من الاستقرار والسکن وغیر ذلک والحمل والرضاعة ثم تتولى قوامة البیت والاسرة والانفاق على الزوج والاولاد. فما هی وظیفة الرجل اذن؟ ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا)) فضّلهم الله بالخشونة والصلابة ورجاحة العقل وبطء الانفعال واستخدام الوعی والتفکیر قبل التحرک والاستجابة والقدرة على حمایة الزوجة والاطفال، وکلها امور تنسجم وفطرته کما انسجمت تلک الامور مع فطرة المرأة. ونحن هنا لانرید ان نوسع الحدیث الى الجانب الآخر، الى جزء من البعض الذی ابهمه القرآن ای ان هناک نساء هن اکفاً من بعض الرجال، وان بعض الاسر تتصدر القوامة فیها المرأة، والرجل یختفی من مسرح الاسرة فی القوامة والقرار. ولکن نرید ان نضیف الى ان المرأة فی حالة وجود قوامة الرجال لاتلغى شخصیتها فی البیت والمجتمع ولایلغى وضعها المدنی وانما هی عملیة تنظیم داخل الاسرة، لان وجود قیّم فی مؤسسة ما لایلغی وجود العاملین فیها، فقد حدد الاسلام وظائف الرجل فی الاسرة وواجباته تجاه زوجته واولاده وأداب العشرة معهم فلیس له حق التدخل فی مصلحة الزوجة الحالیة الا برضاها، وان طاعته تتم بحدود الشرع ووفقاً لعقد الزواج. وقد نتحدث فی لقاء اخر عن آداب الزوج وحسن المعاشرة.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,164 |
||