ابنتی عنیدة ومتهوّرة | ||
لدی بنت عمرها ستة عشر عاماً، هی الوسطى بین إخوتها وأخواتها، ذکیة ومتفوقة فی دراستها، لکنها عنیدة تصرّ على ما ترید وتتصرف تصرفات لاأرضاها مطلقاً، فترفع صوتها علی وعلى والدها وعلى أخواتها الکبیرات، وهی دائماً معهم فی خلاف ومشاجرة، هن عاقلات وملتزمات ویوجهنها إلى الخیر والمجلات النافعة والطاعات، وهی لاتحب ذلک وترد علیهن بأنها مراهقة وأن فترة المراهقة تجعلها عصبیة وتحب الاستمتاع کما ترید بدون تشدید من الأسرة، أحرجتنی بتصرفاتها وأخشى علیها من أشیاء أخرى. أخواتها مررن بنفس المرحلة، وهن فی نفس الأسرة وکانت أخلاقهن ممتازة معی ومع والدهن ومع الجمیع ولاأذکر أن إحداهن فعلت مثلما تفعل هذه مع أن الفارق بینهن سنوات معدودة. زوجی إذا کلمته عن تصرفاتها قال: هذا طیش بنات ویزول لاتشددی على البنت وهو یحبها لذکائها ولباقتها فی الکلام معه، وأیضاً هو یرى أن أخواتها متشددات فی الدین وأن المراهقة لاتصلح معها الشدة. الاخت الکریمة جزاک الله خیراً على حرصک وغیرتک واهتمامک بتربیة ذریتک. قد تختلف مرحلة المراهقة من شخص لآخر فی حدتها وطبیعتها وآثارها بناء على أمور عدة منها، طبیعة صفات الشخصیة لدى المراهق وأسلوب التربیة فی الأسرة والمؤثرات الاجتماعیة ونحو ذلک، فلیس بالضرورة أن تکون مراهقة ابنتک الوسطى کمراهقة أخواتها وإن کانت الأسرة نفسها والظروف الاجتماعیة نفسها، فشخصیتها لها دور فی ذلک وتعامل والدها وتعاملک معها له دور وربما صدیقاتها فی المدرسة لهن دور أیضاً وهکذا. بعض المراهقات تستغل کونها مراهقة فی تحقیق رغباتها وأهوائها کما ترید وعذرها أنها مراهقة، خصوصاً إذا کانت مثقفة وتدرک أن الوالدین یعرفان عن المراهقة أنها مرحلة حرجة وأن على الأسرة مراعاة نفسیة المراهق والمراهقة (ونحو ذلک من أمور) فإذا تساهلت الأسرة وتمادت المراهقة فی تصرفاتها ولم تجد أسلوباً حازماً یوجهها ویضبطها، فقد تقع فی أخطاء سلوکیة ومخالفات شرعیة ونحو ذلک مما یضرّها فی دینها ودنیاها ویؤثر سلباً على شخصیتها عاجلاً أو آجلاً. والدها یمیل إلى المرونة معها وهذه لها إیجابیاتها فی إطارها ولکن قد تفسح لها مجال التمادی فی طریق بعید عن طریق الاستقامة، لذا من المهم هنا تداول أمرها بجد واهتمام بین الوالدین (ومع أخواتها أیضاً) بحیث تکون هناک أسالیب تربویة متوازنة ومتفق علیها مسبقاً فی توجیهها وتربیتها (یتوازن فیها الرفق والحزم والحریة والمراقبة وهکذا...) بحیث لاتشعر بالتسلط ولا بالتفلّت والتهاون، ومن المهم هنا استخدام أسالیب الترغیب مع أسالیب الترهیب بتوازن، وإرشادها فی الأمور الدینیة والاجتماعیة بأسلوب یشعرها بأن ذلک لمصلحتها وأن لها شخصیتها واعتبارها وأن علیها أیضاً تقبل النصح والإرشاد الذی یصب فی مصلحتها. وإن تقبّلها للتوجیه لایدل على نقصها بقدر ما یدل على نضجها ووعیها وینبغی فی حالتها، مراعاة المصالح والمفاسد فإذا خشی من أن تتصرف تصرفاً یضرّها إذا مُنعت من بعض ما ترید فیأتی دور المرونة (بالضوابط المقبولة شرعاً) لئلا یحصل منها ردود فعل عکسیة ومفاسد اکبر مما هی علیه. من المهم مراقبتها بلطف، لئلا تقع فیما لاتحمد عقباه فعقلها لایزال صغیراً، وطیشها کبیر فلابد من الرقیب الموجّه إلى أن تتخطى هذه المرحلة الحرجة هداها الله ووفقکم. إبتهال کریمی | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,230 |
||