وعید الفطر على الابواب: متى تعود البسمة الى وجوه کل المسلمین؟ | ||
وعید الفطر على الابواب: متى تعود البسمة الى وجوه کل المسلمین؟
هناء جعفر
ودع المسلمون شهر رمضان المبارک، وأطلّ العید على العالم الاسلامی کعادته کل عام، وتتباین المشاعر الداخلیة للمسلمین یوم العید، ولکن فرحة العید هی الطابع العام للمسلمین. فالعید عندنا لیس کما هو لدى الامم الاخرى، بل له طعام آخر واهداف أخرى. فالفرحة یوم العید لدى المسلمین انما هی تعبیر عن الشکر لله على أداء الطاعة والقیام بالمسؤولیة التی أوجبها الله علیهم، وبالتالی لیست الفرحة بتحقیق انتصار مادی ملموس، ولاهی مناسبة للتعبیر عن الفرح بأی شکل من الاشکال، وانما هی تعبیر عن الرضى والقناعة بما تم انجازه خلال الفترة الماضیة. وبهذا تتمیز اعیاد المسلمین عن غیرها بطابعها الدینی ذی الابعاد الروحیة، وتتمیز کذلک بأنها بدایة لحیاة جدیدة ینوی المسلم العیش فیها ضمن الخطوط العامة التی حددتها الشریعة الاسلامیة، وتقوم هذه الحیاة على اساس برنامج عملی یستفید من دروس الفترة الماضیة. وهذه الدروس، کما تُستفاد من شهر رمضان، تتمثل بالقدرة على مجاهدة النفس والصبر وحسن السلوک وقمع الغرائز البهیمیة فی الانسان والشعور بحاجة الفقیر وجوعه والإرتباط بالله من خلال القرآن والدعاء والصلاة والتهجّد والعبادة المستمرة والتسبیح والذکر. وهناک درس آخر یستفیده الصائمون فی غیر بلادهم، وخصوصاً فی بلاد الغرب. فلاشک ان هناک الکثیر من الصائمین الذین وجهت لهم الاسئلة من قبل غیرالمسلمین عن معنى الصوم وجدواه. وحیث یعانی الغرب من مشاکل صحیة عدیدة، ویتسابق ذووالسمنة للتخلص من اوزانهم الزائدة، یجد هؤلاء فی الصوم وسیلة عملیة لمنع تنامی الشحم فی الاجساد، وکثیرا ما یغبط الناس الصائمین على هذه الحقیقة، ولکن کثیراً ماتحول شهوات الدنیا وعدم وجود نظام حیاة لدى هؤلاء قادر على تقویة الارادة فیهم عن الاستمرار فی النقاش العملی المؤدی الى التوفر على القناعة الحقیقیة بضرورة التعرف على تعلیمات السماء. ومع ذلک یجد الانسان نفسه فی موقع قوی لان من الصعب على ای احد ان یثبت ضرر الصوم وخصوصاً مع وجود الشروط القاضیة بعدم وجوب صوم المریض والعاجز. هذه التجربة الرمضانیة تضع المسلم على بدایة طریق حیاة جدید وتجعله یستقبل عید الفطر بروح التفاؤل والفرحة الحقیقیة والشعور بالرضا عن النفس والقناعة بالانجازات والتوجه نحو المزید من العمل الجدّی لتحسین الوضع الحیاتی على المستویین الشخصی والاجتماعی. ولذلک یبادر المسلمون للاستهلال فی نهایة الشهر الکریم، ویتسابق الکثیرون لاثبات وجود الهلال، فی هذا التسابق الشریف مایوحی بحرکیة الاسلام فی تشریعاته العبادیة التی لاتنفصل فی أبعادها عن حیاة الانسان. ویستقبل المسلمون بعد یوم العید حیاتهم التی تشکّل الشطر الاکبر من حیاتهم العامة. فاذا کان الصوم حقیقیاً، انعکس على حیاة الفرد والجماة واذا لم یکن کذلک، وکان مجرد إمتناع عن الأکل والشرب، تضاءلت آثاره وانعکاساته على سلوک الانسان وتوجهاته. یستقبل المسلمون عید الفطر هذا العام واحوالهم تبعث على الفرح وإن کان لیس کاملاً، إذ ان هناک انتصارات على بعض الانظمة العربیة المستبدة التی جثمت طویلاً على صدور شعوبها المسلمة. ولکن الجرح البحرینی لم یزل نازف، والجرح الفلسطینی العمیق، والجرح الیمنی کذلک، وکل هذه الجراح لیست مصطنعة بل هی حقیقیة یعیشها المسلمون ویتألمون لاستمرارها ویأملون فی إنتهائها. ولکن واقع الحیاة تختلف عن تطلعات الناس، اذ لیس فی هذه الدنیا من تهمه هذه القضایا الا المسلمون انفسهم، اما العالم فیتنکر لهم ولایهمه ما یحدث لهم من مآس وازمات. والعید مناسبة للتعبیر عن الفرحة والرضى بما تمّ انجازه ولکن فی الوقت نفسه یجب ان تکون هذه المناسبة دافعا لمزید من رص الصف وتوحید الکاملة ووحدة المشاعر. فاذا کان شهر الصوم یحقق قدراً کبیراً من ذلک على المستویین الفردی والاجتماعی، فان المطلوب ان یتحول کل ذلک الى اطروحة حیاة یعیشها المسلمون وتجسّد فیهم الشعور بالمصیر المشترک والهموم المشترکة والاهداف الواحدة. وبمناسبة حلول عید الفطر الاغر، لانملک الا ان نرفع ایدینا بالدعاء بتحقیق اهداف المسلمین وتحقیق النصر والغلبة على الاعداء وإبعاد الشیطان ووسوسته لهم. ولانستطیع الا ان نعبّر عن الشکر لله سبحانه وتعالى الذی منّ علینا جمیعاً بالتوفیق لصوم الشهر الکریم الذی اختصه لنفسه. ونبارک للمسلمین جمیعاً بحلول هذا الیوم السعید داعین الله سبحانه وتعالى ان یعیده على امّة المسلمین وهی ترفل فی اثواب السعادة والوحدة والعزة والقوة. انه سمیع مجیب. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,009 |
||