مؤتمر المرأة والصحوة الاسلامیة جعل نساء المنطقة یتعرف بعضهن على البعض الآخر | ||
مؤتمر المرأة والصحوة الاسلامیة جعل نساء المنطقة یتعرف بعضهن على البعض الآخر
هیفاء زعیتر یدرک الزائرلإیران، أن المرأة الایرانیة موجودة فی کل مکان وبشکل تلقائی، لم تُعیّن فی موقع قیادة على سبیل الاستعراض، هی هناک لأنه مکانها الطبیعی والمستحق. هذا الأمر أکّدته مستشارة الرئیس الإیرانی فی شؤون العلوم والتکنولوجیا نسرین سلطان خواه، فی الیوم الثانی والأخیر لـ«المؤتمر الدولی للمرأة والصحوة الإسلامیة»، بأرقام تحدثت عن 500 قاضیة و4 وزیرات و423 ألف مدرسة فی التعلیم الثانوی و17 ألفا فی التعلیم الجامعی وقیادات فی الشرطة والمؤسسات الحکومیة ومراکز صنع القرار.. وهو ما ظهر بدیهیاً فی تواجد مئات المترجمات اللواتی رافقن ضیفات المؤتمر الـ1200 امرأة من 80 بلداً، وفی العدید من المصوّرات التلفزیونیات بکامیراتهن الضخمة، اللواتی غطین المؤتمر خلال یومین، إلى جانب عاملات الفندق والسائقات. وفی خضم التساؤلات التی أثیرت یطرح آخر نفسه بقوة: هل نجح المؤتمر؟ تستبعد مشارکات کثیرات إمکانیة الحکم الآن. برأیهن اجتماع هذا العدد من النساء من بلدان متعددة إنجاز بحدّ ذاته، فللمرة الأولى یُتاح لهؤلاء مثل هذا المنبر... الأفغانیات والباکستانیات واللیبیات والعراقیات والبحرینیات والأذریات والصربیات وغیرهن کثیرات... هن اعتبرنها «انطلاقة.. کما قال القائد والرئیس»، ولذلک «لا مجال لغیر التفاؤل». یُذکر أن المؤتمر کان نظم للمشارکات لقاء مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامیة علی الخامنئی، تخللته مداخلات لأکثر من 10 نساء من دول مختلفة، وبکاء لافت من الامام الخامنئی أمام کلمتین: ابنة الشهید عباس الموسوی ووالدة شهید بحرینی. وبعد الحدیث عن أهمیة دور المرأة، وتناقض أهمیة دورها فی الإسلام مع ما ینتهجه الغرب من تشویه لصورتها، قال المرشد الأعلى إنه: «عندما یتعرّض الإسلام لأی شیء فی بلد، سندافع عن الإسلام، ولن نطلب الإذن من أحد». وأعلن سماحة السید الخامنئی أن «الأمة الإیرانیة، من خلال الحیاة والثروة والأحباب، وقفت أمام کل المؤامرات والعقوبات وتقدمت إلى حد أننا أصبحنا الیوم أقوى 100 مرة مقارنة بما کنا علیه قبل 30 عاما». وقال: «یتسم الغربیون هذه الأیام بالحساسیة بشأن العقوبات، لکنهم لا یدرکون أنهم أعطوا إیران تحصیناً من خلال العقوبات التی فرضوها خلال الثلاثین عاماً الماضیة». الباحثة (نزیهة صالح) إعتبرت أن: «عفویة الخطوة الأولى کانت الأساس، ویکفی أنها جعلت نساء المنطقة یتعرف بعضهن على مشاکل البعض الآخر»، وخیر مثال ما قالته مذیعة أفغانیة لـ«السفیر» لعبت دوراً فی محاولة «تغییر تلک الصورة السیئة المنطبعة فی ذهننا عن امرأة أفغانیة». وفی یومه الختامی الطویل، الذی انتهى منتصف اللیل، خرج المؤتمر بتوصیات عدة رکزت بشکل أساسی على «ضرورة استکمال الخطوة». فکان المهم «الحرص على عقد المؤتمر سنویاً فی بلدان مختلفة، وخلق تنظیم لنماذج مختلفة من النساء لتحقیق التواصل، وتفعیل موقع إلکترونی یجمع المشارکات، کما تعزیز النشاطات فی العالم الافتراضی، استکمال البحث حول الشکاوى التی قدمتها المشارکات عن بلدانهن لمحاولة إیجاد حلول». وفی نهایة المطاف، یخرج المُتابع بعد انتهاء مؤتمر مماثل بکم من الانفعالات. مبشّر مشهد کل هؤلاء النساء مجتمعات، لا سیما من بلدان تشتهر بقمعهن، یناقشن ویعترضن ویصرخن.. ومفهوم ارتکازه على الدین الإسلامی لتفعیل دور المرأة، لکن الخوف، کل الخوف، یبقى من واقع عربی عام یستغل هذا الدین وتلک المرأة لوظائف سیاسیة تکون أول ضحایاها.. النساء. ومن یعرف إیران جیداً یدرک أن تواجد 1200 سیدة من حوالی 80 بلداً، إضافة إلى 300 سیدة إیرانیة، فی مکان واحد لیس بالأمر السهل. ولذلک کان للحدث الذی ضمّ هؤلاء النساء أهمیته. جاءت النساء العربیات من الأقطار کافة، إضافة إلى 50 سیدة أجنبیة، لیشارکن فی «المؤتمر الدولی للمرأة والصحوة الإسلامیة» الذی عُقد فی «برج میلاد» الضخم فی طهران. لم یکن أی من هؤلاء ینکر حجم وخطورة التحولات التی تعیشها المنطقة العربیة، وانعکاسها المباشر على المرأة العربیة وظروف حیاتها، لکنهن أتین بـ«کامل الثقة» أن «إیران هی المکان الطبیعی لانعقاد مؤتمر مماثل.. منه بدأت الثورة، وفیه تثبت المرأة یوماً بعد آخر قدرتها وکفاءتها، بحیث بات التمثّل بها حلماً لدى المرأة العربیة».. هذا ما قالته نائبة الأمین العام لتیار المرأة العراقی (عایدة زکی) لـ«السفیر»، وما کررته مشارکات کثیرات. فی الواقع، المؤتمر هو الثالث فی نشاطات «المؤتمر الدولی للصحوة الإسلامیة» الذی أطلقه السیاسی والدبلوماسی الإیرانی علی أکبر ولایتی فی العام 2011 لیناقش «الأبعاد الفکریة للحرکة»، ثم تبعه مؤتمر ثان للشباب ناقش دورهم فی الحراک العربی، حتى وصل إلى دور النساء «باعتبارهن الرکن الفاعل الیوم، والذی یعوّل علیه فی مرحلة البناء»، کما جاء فی کلمة ولایتی فی الحفل الافتتاحی. وفی سیاق آخر، ورداً على سؤال طرحته «السفیر» حول الحدّ الفاصل بین ما یقوله المؤتمر عن «صحوة إسلامیة تعلی من مکانة المرأة « وبین الحرکات الإسلامیة الصاعدة فی المنطقة، بین «إخوان مسلمین» وسلفیین، وهی «أکثر ما تخیف المرأة»؟، قال ولایتی إن العقود الماضیة شهدت على ظهور العدید من الحرکات الإسلامیة، وقد تجاوز بعضها حدود الاتزان، الأمر الذی عمّق الهوة بین المسلمین وفتح المجال للتدخل الغربی فی المنطقة.. أما «الصحوة الإسلامیة فهی موجة جدیدة من التحرک الإسلامی الذی یستند على تراث إیران العظیم وثورتها ومحاولة تخلیص المرأة من الصبغة الغربیة التی حاول الزعماء العرب دمغها بها». وعلى «محاولة الاستغلال الغربی لصورة نسائنا»، وعلى «واقع المرأة الأوروبیة والأمریکیة المقموعة»، ارتکزت کلمة الرئیس الإیرانی محمود أحمدی نجاد الذی شارک فی افتتاح المؤتمر. الرئیس نجاد اعتبر أن «الصحوة الإسلامیة هی حاجتنا الماسة فی عالم تنحدر فیه العزة والکرامة»، مضیفاً: أن «الإنسان، وتحدیداً المرأة، فی أمریکا وأوروبا لیس بإمکانه الاختیار بملء إرادته، وهو یتعرض لأسوأ أنواع الدیکتاتوریة حیث تتغیّّر الوجوه وتبقى السیاسات نفسها». من هنا، اعتبر الرئیس الإیرانی: أن «الصحوة الإسلامیة لا تعنی نهوض الإسلامیین وحدهم، إنها للمسیحیین والیهود کذلک، فدیننا الإسلامی لهم أیضاً بکل ما للکلمة من معنى». وفیما أشار إلى أن «أمیرکا وأوروبا أسقطتا المرأة من دورها وانتزعتا کیانها»، قال: «أبشّرکم أن إصلاح العالم أمر ممکن، ویجب أن نختار الطریق الصحیح.. وهو یبدأ من المرأة». اللافت فی المؤتمر النسائی، کان هذا الزخم والإحساس بالکیان الحرّ لدى کل من تقابلهن من العالم العربی ومن إیران، حتى لدى المنظمات والحارسات وعناصر التفتیش وهن کثیرات، إحساس تنقله صورهن وصور شبیهاتهن المعروضة فی میادین المطالبة بإسقاط النظام فی العدید من الدول العربیة. وقد انعکست هذه الروح فی الاجتماعات الستة التی عقدتها اللجان التخصصیة لمناقشة مسائل المرأة، بدءاً من طاقاتها إلى تجاربها وإنجازاتها وصولاً إلى التحدیات التی تعترضها وآلیات المواجهة، وذلک استناداً على 500 مقالة قدمنها مشارکات، واختارت اللجنة عدداً من بینها، على أن تغطی جمیع الدول العربیة. لقد تعددت آراء المشارکات حول سبل المواجهة وآلیات العمل، لکنهن کنّ یستندن على قاعدة ارتکاز واحدة هی الإسلام، الذی «حاولت الأنظمة السابقة تغریبنا عنه»، کما قالت الصحافیة والناشطة النسائیة التونسیة (لیلیا الحسینی) لـ«السفیر» مؤکدة أن: «الإسلامیین لا یخیفوننا لأنهم أبناء الشعب ». وبعد اختتام الجلسات، أسئلة کثیرة بقیت معلقة.. یفسر غیاب أجوبتها الحراک النسائی الحدیث العهد نسبیاً. مفهوم حتى الساعة اصطدامه بعقبات کثیرة، اجتماعیة وسیاسیة وثقافیة، ولکن فی وقت یعتبر الارتکاز على العامل الدینی مشروعاً ومبشراً بالنسبة لکُثر وکثیرات، إلا أن هذا العامل الدینی نفسه قد ینقلب على أصحابه أنفسهم فیما لو لم تخلق آلیات لمحاربة، کل هذا الاستغلال الذی یسقط فی کنفه الدین الإسلامی حالیاً، وصولاً إلى حدّ التطرف والتکفیر.. والمرأة أکبر المتضررین. المصدر: السفیر | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,550 |
||