کیف نعیش شهر الصبروالرحمة؟

کیف نعیش شهر الصبروالرحمة؟

إقبال طالب

صیام رمضان عبادة، والعبادة فی الاسلام تتطلب استعداداً نفسیاً، وروحیاً لکی تثمر ثمرتها العملیة، فلابد ان نستعد هذا الاستعداد ونحن نلج هذا الشهر الکریم.

ومن مظاهر هذا الاستعداد او اولیاته، ان یشعر المؤمن بشعور الرحمة تجاه اخوانه المؤمنین. هذه القضیة المنسیة التی عبرت عنها الآیة الکریمة: ((اذلّة على المؤمنین، اعزة على الکافرین)) والذلة هنا فسرتها ایة اخرى فی سورة الفتح بمعنى الرحمة: ((محمد رسول الله والذین معه اشداء على الکفار رحماء بینهم)) فالذلة على المؤمنین تنبثق من الرحمة بینهم مقابل العزّة على الکافرین التی هی مظهر الشدة علیهم. واما مظهر الرحمة او الذلة بین المؤمنین، فقد بینته آیة سورة الاسراء: ((واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما کما ربیان صغیرا))، فحیثما کانت الرحمة کانت الذلّة ای التواضع والتودد والتحبب للوالدین وللمؤمنین.

واذا کانت هذه الذلّة هی مظهر وأثر من آثار الرحمة بالمؤمنین، فان المثل الصحیح یتجلى فی شخص رسول الله "صلى الله علیه وآله وسلم" وفی رحمته بالمؤمنین کما وصفه الله عزوجل: ((لقد جاءکم رسول من انفسکم عزیز علیه ماعنتم، حریص علیکم بالمؤمنین رؤوف رحیم))، والرسول "صلوات الله علیه"، قدوتنا: ((لقد کان لکم فی رسول الله اسوة حسنة))، فلابد من التحقّق بصفة الرحمة التی بلغت کمالها فی شخصیة الرسول "علیه الصلاة والسلام". وصفة الرحمة هذه سواء، لأنها اذا تحققت بین المسلمین فان کثیراً من الأمراض النفسیة والخلقیة تزول تلقائیاً. اذ یقول "علیه الصلاة والسلام": ((تواضعوا حتی لایفخر احد))، فالتواضع مُرافق للرحمة والذلّة او هو أثرمن آثارها. فمن تکبّر على أحد من عباد الله، فانه یفقد صفة الرحمة ومن بغى على أحد یکون قد افتقدها کذلک.

والطریق الى التحقّق بهذه الصفة، صفة الرحمة والتواضع بین المسلمین قد تعددت وسائلها وتنوعت اشکالها، فیقول "علیه الصلاة والسلام": ((لاتحقرن من المعروف شیئاً ولو ان تلقى اخاک بوجه طلق)) واما خدمة المسلمین والسعی فی مصالحهم وتفریج کروبهم، وإقالة عثراتهم، فهی اعلى ماتتمثل به الرحمة بهم. ضعافا واقویاء یکون قد تمثل خُلق الرحمة الذی هو مظهر الذلّة على المؤمنین والتی جعلها سبحانه وتعالى من صفات رسول الله "صلى الله علیه وآله وسلم"وأهل بیته الکرام "علیهم السلام".

والذلّة على المؤمنین والرحمة بهم، تبقى صفة ملازمة للمؤمن بل یجب ان یتحلّى بها فی کل وقت ولو لم یشارکه فیها الآخرون. لأن عدم التمثّل بها دلیل على غلظة القلب وجفاوة الروح التی هی ابعد ماتکون عن صفات المؤمنین.

وما نراه الیوم من بأس المؤمنین بعضهم على بعض، ومن المعاملة القاسیة التی یتعاملون بها بین بعضهم بعضاً، فی الوقت الذی ینحنی فیه بعضهم للأوروبی او الامیرکی إکبارا، نؤکد ان هذا یشکّل مظهراً على فساد التربیة وانحراف الفطرة، ولاشک ان هذا النمط من المؤمنین قد نسوا قول الله عزوجل: ((محمد رسول الله والذین معه اشداء على الکفار رحماء بینهم)).

فمن أقبل على شهر رمضان بهذه النفسیة، فان الفائدة من مدرسة الصیام ستکون محدودة، ومن أدرک ان شهررمضان المبارک یحمل فیما یحمل من الحکم تغییر العادات وتبدیل الطباع وترویض النفوس وإستعد لذلک کله، فلاشک ان هذا المؤمن سیتخرج من مدرسة الصیام بدرجة عالیة، تکون له رصیداً کبیرا فی حسابه یوم القیامة، فلنستقبل شهر رمضان بهذه الروحیة، ألم یحث الرسول "صلى الله علیه وآله وسلم" أمّته فی آخر یوم من ایام شعبان، مخاطبا ایاها: ((ایها الناس: قد اظلکم شهر عظیم مبارک، شهر فیه لیلة خیر من الف شهر، شهر جعل الله صیامة فریضة وقیام لیله تطوعاً، من تقرّب فیه بخصلة کان کمن ادّى فریضة فیما سواه، ومن ادّى فریضة فیه کان کمن ادى سبعین فریضة فیما سواه. وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر یُزاد فی رونق المؤمن فیه. من فطّر فیه صائماً کان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وکان له مثل اجره من غیر ان ینقص من اجره شیء.

الإحصائيات

مشاهدة: 2,246

أرشيف الدورية

PDF	PDF
PDF	PDF
أكثر

دور الحجّ فی ترسیخ السلام فی العلاقات الاجتماعیة

﴿أَوَ لَم یَرَوا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً﴾. من مهام الحج تحقیق السلام فی العلاقات الاجتماعیة، وتوفیر فرصة نموذجیة للسلام فی العلاقات فیما بین الناس، فی فترة الإِحرام فی الحج، وتوفیر رقعة نموذجیة من الأرض; لتمکین السلام فی العلاقات الاجتماعیة هی رقعة الحرم.
ولکی نعرف موقع السلام فی هذه الرحلة، لا بدّ من أن نستعرض المراحل الأساسیة فیها بإیجاز شدید، بالقدر الذی نستطیع أن نتعرف فیه على مواقع السلام فی هذه الرحلة الإِلهیة. الحج رحلة الأنا والذات إلى الله على الطریقة الإِبراهیمیة أو اختزال لهذه الرحلة الشاقة التی قطعها من قبل أبونا إبراهیم علیه السلام، على الطریقة الرمزیة التی تعتمدها فریضة الحج بصورة واضحة. هذه الرحلة تبدأ مهمتها من المیقات، وتنتهی بطواف النساء وطواف الوداع والآن نشیر بإجمال إلى الأشواط الرئیسة التی یقطعها الحاج فی هذه المرحلة من الأنا إلى الله تعالى.

الحجّ مظهر الوحدة الإسلامیة ولتعززوا هذه الوحدة بکلّ ما تستطیعون

النصّ الکامل لکلمة الإمام الخامنئی فی اللقاء الذی جمعه بتاریخ ٨/٦/٢٠٢٢ مع القیّمین على شؤون الحجّ فی حسینیّة الإمام الخمینیّ (قده). وفی کلمته شدّد قائد الثورة الإسلامیّة على کون الحجّ مظهر الاتحاد للأمّة الإسلامیّة داعیاً إلى الترکیز على نقاط الاشتراک واجتناب التفرقة، وطالب سماحته الحکومة المضیفة للحجّ بضمان أمن الحجّاج والعمل وفق مصالح الأمّة الإسلامیّة، کما اعتبر سماحته الصهیونیّة بلاء للعالم الإسلامیّ وأنّ الدول المطبّعة مع هذا الکیان المزیّف لن تجنی سوى الضرر.

الحج موعد العشاق وفرصة لنصرة المظلومین فی فلسطین

یعتبر الحج إحدی الفرص المناسبة والقیمة للتطرق الی القضیة الفلسطینیة، وعلى المسلمین-انطلاقا من شعورهم بالواجب- أن ینتهزوا هذه الفرصة الثمینة وأن یتخذوا خطوات جادة فی مجال تنسیق وتوجیه الآلیات والأمکانیات الفعالة الکفیلة لحل هذه القضیة. فالقضیة الفلسطینیة قد جرحت قلوب المسلمین فی جمیع أنحاء العالم منذ أکثر من سبعة عقود ورسمت دورًا دمویًا فی صحیفة العالم الإسلامی.ویمکننا فی هذا الصدد، طرح العدید من القضایا الرئیسیة کعناوین فکریة، وطبعا ینبغی تقدیم حل عملی وتنفیذی لکل منها،. ومن الواضح فی هذا الصدد هو أن المثقفین والنخب السیاسیة یعتبرون المسؤولین الاوائل فی عملیة حل القضیة الفلسطینیة. لکن القضایا التی یمکن طرحها کموضوع رئیسی واساسی لهذا الموضوع هی کما یلی:

کلمة سماحة السید عبدالفتاح نواب ممثل ولی امر المسلمین و امیر الحجاج الایرانیین فی مؤتمر الوحدة الاسلامیة فی ظل القرآن و السنة و محوریة اهل البیت

أَود فی بدایة کلمتی أن اعبر عن سعادتی بلقاء حضراتکم الیوم و مشارکتی فی هذا المؤتمر العلمی الذی یناقش واحده من القضایا الاسلامیة التی تهم عالمنا المعاصر و هی قضیة الوحدة الاسلامیة و التی أصبحت جزء لا یتجزء من عوامل وعناصر التنمیة و الرقی فی بلادنا الاسلامیة و أرجو أن یخرج بنتائج طیبة و بخاصة فی تثقیف امتنا الاسلامیة و یساهم فی التقدم نحو الحضارة الاسلامیة الجدیدة التی اعلن فکرتها الامام آیه العظمی السید علی الخامنئی حفظه المولی کما اننی انتهز الفرصة و اتقدم بجزیل التقدیر و الامتنان لمشارکتکم البنائه فی هذا الموتمر و خاصة للباحثین والعلماء الذین نستفید من محاضراتهم القیمة و الشکر الجزیل للذین ساهموا فی عقد هذا الموتمر و بذلوا جهوداً مشکورة ثمینة من أجل ایصال صوت الحق الی العالم کله من هذا المنبر و من هذا المکان المقدس الذی وصفه الله تعالی بانه «قیاما للناس».

الحج مظهر للسلوک الدینی ووحدة المسلمین

مما لا شک فیه أن المؤتمر العالمی للحج هو المظهر التام والعلنی للسلوک الدینی ووحدة المسلمین فی کافة المجالات. ولا تستطیع أی مناسک أو عبادة کالحج، أن تحفّز القوى الراقدة للأمة الإسلامیة للمضی فی طریق احیاء القیم الإسلامیة ومحاربة الآفات والأعداء اللدودین. من ناحیة أخرى، یمکن القول بحزم ویقین بأن الدعاة الحقیقیین للوحدة والتضامن الإسلامی هم المؤمنون المخلصون الذین الی جانب ممارسة العبادة والتحلی بالأخلاق جعلوا الجهاد بالأموال والأنفس قدوتهم و اسلوبهم الدائم ولم یشعروا ابدا بالخوف من الاعداء رغم کثرة عدتهم وأعدادهم.

أفضل العناوين مشاهدة

1/5

الأخبار

أرشیف الأعداد السابقة