المرأة...المدرسة الاولى للرجل وهی التی تصنعه | ||
من حق المسلم الیوم ان یشعر بالضیق، بالاختناق لما یروّج حوله من فساد خلقی رهیب. الضلال والفسق والفجور منتشر فی کل مکان حتى لیکاد یدخل علیه فی بیته بل فی غرفة نومه ویمنعه احیانا من الخشوع فی صلاته، عن تلاوة کتاب ربه، یهدد امن وسلامة اطفاله او اخوانه واخواته. اما فی خارج البیت فحدث ولاحرج، فلولا رحمة الله ومنته ولطفه بعباده المخلصین والصالحین، لهلکنا جمیعا ولغرقنا فی هذا العالم الرذیل فی بحر الشهوات والملذات کباقی العباد لان الغارق فی هذا البحر لایحس بالالم والاختناق کما هو الشأن بالنسبة للمسلم حین یعیش فی بیئة غیراسلامیة، بالعکس فالفارق فی الرذیلة والشهوات یحس بلذة فی اقصى حدودها لذلک لایحس بالغرق فتراه یستسلم لهذا کله، فیذوب رویداً رویداً حتى یفقد انسانیته عن آخرها، فیتحول الى بهیمة فی صورة انسان، ((ان هم کالانعام بل هم اضل سبیلا)). اما المسلم فانه یبحث عن سند قوی ومتین یلتحم معه لکی یقاوم هذا التیار ویحاول تغییره واقتلاعه من جذوره، وهذا السند هی اخته المسلمة الملتزمة التی تحسّ بمثل ما یحس به وتتألم کما یتألم على سریان هذه الامراض فی بیئتهم. فکلاهما یمثلان النور الوهاج وسط هذا الظلام الکثیف والحالک المحیط بهما من کل جانب، فیعزمان عزماً حقیقیاً على توثیق الصلات وتوحید المجهودات عبر باب الزواج الذی یضمن استمراریة العمل والمقاومة دون الشعور بالنقص من ای جانب کان، لان کل واحد یکمل الآخ، والمرأة تعتبر الجناح الثانی للرجل والید الواحدة لاتصفق کما یقال. واذا رجعنا الى الوراء، اربعة عشر قرناً حین میلاد هذه الدعوة المبارکة نرى ان اول من آمن بالرسول "صلوات الله علیه" هی امرأة، فرسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وزوجته یمثلان النموذج المثالی الذی یجب الاقتداء به، کان رسول الله "صلوات الله علیه" ـ الرجل ـ یخرج لنشر دعوته فیلاقی فی ذلک العنت والمقاومة ویتعرض الى السلب والشتم من قبل الانعام البشریة فیعود الى البیت لیجد السند الذی یتجاوب معه ویؤنسه ویقذف فی قلبه قوة معنویة کبرى على عدم الاستسلام والفشل ومواصلة الدرب، درب الدعوة والمقاومة حتى النصر المؤزر، فالمرأة هی بحق زاد ومنبع للتفاؤل والصمود حین تکون واعیة بعمق للدعوة وللقضیة المشترکة. ثم تمضی الایام وتبقى المرأة (خدیجة) دائما بجوار رسول الله "صلوات الله علیه" (الرجل) وتتجاوز الجماعة المسلمة المرحلة السریة وتخرج الى الجهر بالدعوة والاصطدام المباشر بالعدو ویکون للمرأة فی هذه المرحلة دور مهم جدا، تخرج هی الاخرى لنشر الدعوة وتنفق من مالها ووقتها وتتعرض للتعذیب النفسی والجسدی على السواء، ویکفی ان نعلم ان اول دم أُریق فی سبیل الله هو دم امرأة، ثم بعد ذلک وحین اقیمت للاسلام دولة على وجه الارض لاول مرة تبدأ المهمة الخطیرة للمرأة فنراها تبایع کما الرجل وتجاهد معه فی الساحة، ثم تربی الجیل الصاعد، الجیل الذی یحافظ على استمراریة الدعوة وهذه المهمة من اخطر ما یکون، فالمرأة المسلمة هی المدرسة الاولى للرجل، بل هی التی تصنع الرجل وتکونه جندیاً مسلماً یخرج الى الساحة للقضاء على الشر والباطل. وهذه سنة الله ولابد من تتبعها من ألفها الى یائها ان نحن اردنا القضاء على الباطل المتبجح حولنا، وان نبدأ بارجاع المرأة المسلمة الى دورها الصحیح الذی تُحسن لعبه وان نقسّم المسؤولیات بین الرجل والمرأة بالتساوی، وان نفکّر اولا فی مصلحة الاسلام ونبحث عن الطریقة المثلى التی تقدم العمل الى الامام، ان یلتحم الرجل مع المرأة عبر الزواج حتى یجمع الشمل وتتوحد الافکار والاعمال فی کتلة واحدة بدلا من ان یبقى کل واحد عرضة للضیاع والانحلال الخلقی، ونعید بهذا الى الواقع المثال والقدوة: البیت المحمدی الخدیجی ان صح التعبیر، ونخرج الى المجتمع الفاسد الوثنی والمشرک نقضی على هذا الشرک الجدید ونهدم هذه الاصنام الجدیدة التی یعکف لها الناس بدلا من عبادة الله وحده، فالزواج الرسالی نطفة وبدایة التغییر الرسالی الذی نتوخاه لیل نهار، وقد صدق الله عزوجل فی قوله: ((ومن آیاته ان خلق لکم من انفسکم ازواجا لتسکنوا الیها وجعل بینکم مودة ورحمة)) صدق الله العلی العظیم.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,273 تنزیل PDF: 3 |
||