هکذا إستیقضت من الاحلام المزعجة ؟! | ||
هکذا إستیقضت من الاحلام المزعجة ؟! انعام الصراف فی إحدى اللیالی بینما کانت متجهة إلى الفراش لکی تنام، وجدت على رفّّه الأیسر دفتر مذکرات، فشعرت برغبة فی الکتابة فیه : الیوم/الخمیس لقد أشرفت هذه السنة على الانتهاء وستستقبل سنة جدیدة، وهی لا تملک الکثیر لتسعد به، عمرها مضى سنة وراء سنة متجاوزة الأربعین من عمرها ولیس فی رصیدها الکثیر لتفتخر به، فأصبح جسدها محمّلاً بعلامات الزمن من تجاعید فی الوجهة وبیاض الشعر، ویکاد ظهرها یتقوس وعیناها الجمیلتان سیصبح بهما المیاه الزرقاء والبیضاء، وتکاد یدها تمسک بعصا للاستناد علیها. نعم لقد مر علیها الزمن، وفاتها قطار الزواج، هی من کانت فی الماضی فتاة یافعة تطمح إلى إتمام دراستها والحصول على الوظیفة، وکانت تقول لنفسها إن دنیاها تحمل لها کل ما هو رائع فلماذا یریدون منها أن تتزوج وتدخل ذلک القفص الخشبی برأیها لأنه کان یمیل إلى التکسر لا البناء فی مجتمع یکثر فیه الزواج الفاشل. ورغم حبها للحیاة إلا إنها لم تحب بحیاتها حضور الحفلات، والزیارات والتجمعات النسائیة، لطالما نُصحت بأن علیها الخروج والنظر إلى من هم حولها، ولاکنها کانت منطویة على نفسها، وکانت عبارة ((خذی نصیبک من الدنیا )) لا تعنی لها شیء، نعم نصیبها من الدنیا، لقد درست وکافحت وسعت وراء رزقها للحصول على الوظیفة، فی مجتمع نسبة البطالة فی ازدیاد، وعمرها یمضی وهی تعرف إنها سوف تزید على نسبة النساء العانسات بواحدة أخرى . لقد سئمت من البحث وتقدیم شهاداتها لشرکة تلو الأخرى، ولم تجد لها مکان فی النهایة إلا حائط بیتها، ولکی تشغل وقت فراغها وترفع من معنویاتها، أصبحت تعتنی بأولاد أخوتها وأخواتها، وبأمها المریضة، وأصبحت لدیها بدل الوظیفة ثلاثة، الأخت، المربیة، والممرضة أیضا، نعم أخلَصَت الأخوّة وأعطت الحنان والنصیحة والاهتمام لأولادهم، وسهرت لمرض أمها، ولم تجد الوقت لتفکر بنفسها وتنظر لمستقبلها الذی أصبح حاضرها الیوم . فالیوم أصبح لأخوتها ما یشغلهم عنها، وأولادهم کبار ولیسوا بحاجتها لشیء، وأمها توفیت، وأصبحت تعانی من هم الوحدة القاتلة، والفراغ الممرض، وندم یملأها من الداخل لأنها لم تأخذ نصیبها من الدنیا، وتتمنى العمر یرجع إلى الوراء.... لکانت فکرت بطریقة أجابیة أکثر، وأعطت نفسها الحق بالزواج، والإنجاب، وتربیة أولاد من دمها ولحمها، یکونون دوماً إلى جانبها فی الشدة والرخاء، وترى مستقبلها بأعینهم، ویخلد ذکرها، وزوج یؤنس وحدتها عند الکبر، وتأخذ بذالک نصیبها من الدنیا. توقفت عن الکتابة وأقفلت ذالک الدفتر، وغفت عینیها، وفی صباح الیوم التالی أیقظها صوت أخیها أحمد من نومها وهو یصرخ: قومی لقد تأخرنا . قالت له: أحمد أأنت هنا . قال لها ساخرا : وأین سأکون فی اسطنبول؟. ووجدت نفسها تحتضن بین ذراعیها(( دفتر المذکرات)) وقالت لنفسها: نعم لقد کتبت فیه اللیلة الماضیة، وجاء أخوها مرة أخرى وقال : ألم تجهزی بعد لقد تأخرنا . وأذنها تسمع الإذاعة تنشد أناشید العید لسنة (1425) وأخوها یرددها معهم بکل حماس، ونظرت لیدیها ولوجهها بالمرآة لم تصدق عینیها، اتجهت مسرعة للدفتر لتجد کل ما کتبته کان لسنة (1445 ) قالت لأخیها هل بالفعل بالفعل فی السنة (1425) فأجاب: نعم أختی نحن کذلک وأنت الآن مدعوه للغداء عند أختک لأکل طعام العید، وأضاف ساخراً: هل رجعت لکی الذاکرة ألآن ؟ فقالت له غیر مصدقه ما سمعته أذنها: أأنت جاد مما تقول ؟ لکنه ذهب دون إعارتها أیة اهتمیة، فصدقته وشعرت بالفرحة تملأ کیانها، وأصبحت تقول لنفسها یالها من غبیة کیف لها أن تتوقع لنفسها تلک الوحدة فی مستقبل مظلم ومحزن . ولکنها حمدت ربها بأنه ألهمها لتکتب وتتوقع لنفسها ما توقعت لکی لا تفکر بتلک الطریقة، وتغیر منهج حیاتها الذی صممت علیه قبل هذه التجربة، والتی کانت ستنهی حیاتها بامرأة عجوز وحیدة لیس لها فائدة قضت عمرها وهی تعتنی بالآخرین فقط. هی الآن غیرت نظرتها للحیاة، وتهتم لتحصل على الأمور الأولیة، ولن تضیع عمرها بالأمور الثانویة، وتحصل على نصیبها من الدنیا، والحمد الله أنها فی عمر الزهور، وسوف تقبل بأول شاب صالح یرید الزواج منها . | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,049 |
||