عمق الرؤیة الاسلامیة حول الزواج | ||
عمق الرؤیة الاسلامیة حول الزواج بقلم الاستاذ السید عباس الغریب الزواج، من أکثر القضایا التی شغلت _ ولا زالت _ الناس فی کل الأزمنة والأمکنة. ولعلنا لا نجد قضیة تضاهیها من حیث اهتمام الادباء والشعراء والمفکرین، وأخیراً الإعلامیین والفنیین. فإذا أجرینا دراسة حول ما هی أکثر المسائل شغلاً لتفکیر البشر، فإننا ولاشک سنجد ((الزواج أو العلاقة بین الجنسین)) على رأس قائمة المسائل. ولهذا، یندر أن نجد من لا رأی أو رؤیة له فی الزواج، حیث یبنی کل واحد منا تصوراً معیناً حول ماهیة الزواج وأهدافه وسبل نجاحه وأسباب فشله و... ولأن المساهمة فی هذه القضیة تأتی من کل حدب وصوب، یمکن القول بأننا قد لانجد من بین اهتمامات البشر ما تعرض للتحریف والمقولات المتناقضة ماتعرض له الزواج. والذی یزید الأمر تعقیداً هو أن المساهمات الفکریة فی تصویر الزواج وأبعاده لا تنحصر فی سن معینة أو مرحلة محددة أو بطریقة فکریة مباشرة. فالإنسان یبدأ بالتعرف على هذه العلاقة منذ أن یفتح عینیه على هذا العالم وفی أغلب الاحیان بالطرق غیرالمباشرة التی تدخل إلى أعماق وعیه أو ألى ما یعبر عنه باللاوعی الکامن فی أعماقه. وتکون النتیجة أن یصعب طرح الرأی أو الموقف الاصیل للإسلام، وخصوصاً إذا أضفنا عاملاً آخر ینشأ من توهم أن العدید من جوانب قضیتنا مما یمکن أو یحق للناس وضع أنظمته وقوانینه. لقد اطلعت على هذه المشاکل خلال المحاضرات والندوات العدیدة التی شارکت بإلقائها وإدارتها، وتبین لی أن العمدة فیها هی التالی: 1- مشکلة التصورات المختلفة حول الزواج والتی تنشأ من التجارب الخاصة. وطبیعة هذه المشکلة أنها تدخل إلى عمق وعی الإنسان ونفسه الباطنیة. 2- مشکلة الإلقاءات الکثیرة التی تنهال على الإنسان من خلال وسائل الإعلام والأدبیات. 3- مشکلة تصور أن للإنسان الحق فی وضع الکثیر من قوانین وسلوکیات الزواج. وأثناء إستشارتی لحل العدید من المشاکل الزوجیة کنت أطلع دوماً على نقص شدید فی فهم الرؤیة الإسلامیة للزواج. وعندما کنت أطرح بعض جوانبها کان الذهول والمفاجأة غالباً ما یرتسم على صفحات الوجوه. فالمسألة هنا هی أنه کیف یمکننا أن نعرض الرؤیة الإسلامیة الأصیلة ونوصلها إلى المتدینین بالإضافة إلى القضاء على الکثیر من الشبهات والأوهام التی تحیط بالزواج. إن هذا التحدی لا یمکن مواجهته بکتاب أو حتى عدة کتب لأن ماعلق فی النفوس والأذهان لم یحصل نتیجة قراءة أو مطالعة الکتب. ولهذا لا یدّعی مؤلف هذا الکتاب أنه سیتمکن بضربة واحدة من القضاء على ذلک التراث الضارب بجذوره فی أعماق نفوسنا، إلا أنه محاولة وسعی نحو إراءة المنظومة الإسلامیة للحیاة والسلوک الإجتماعی فی لجّة الضیاع والمتاهات التی تعصف بمجتمعاتنا الإسلامیة. أن من أکبر التحدیات التی تواجه أی مصلح إجتماعی لاتکمن فی إراءة وفضح الوجه البشر للقبائح والمنکرات، فهذا أمر سهل بالنسبة للمصلحین، بل التحدی یکمن فی مواجهة تلک القیم التی لبست لبوس الجمال والحسن وهی فی الواقع لیست سوى زیفاً. وقد علق بالزواج الکثیر من تلک المظاهر الخادعة. منها على سبیل المثال إعطاؤه ما یفوق حجمه على مستوى تحقیق السعادة للبشر. بل وقد وصل الأمر عند البعض أن یروا فی الزواج السعادة المنشودة وأن یعتبروا أن النجاح فی العلاقة الزوجیة أمراً جوهریاً. ومثل هذا التوقع – وإن کان جمیلاً ومحبباً – ولکنه إخراج للزواج عن حدوده التی أرادنا الإسلام أن نلتزم بها لکی لا نقع فی وهم التوقعات غیرالصحیحة. وإذا آراد قراؤنا الأعزاء الاطلاع على عمق الرؤیة الإسلامیة للزواج ینبغی أن یحوموا حول التشریعات الفقهیة التی هی الباب الوحید لفهم تلک الرؤیة والتعمق فیها. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,869 |
||