قضیة الحجاب ضرورة لا یمکن تهمیشها

ریحانة الحیدری

مسألة الحجاب ظاهرة وحالة ثم واقع فرض نفسه، وتعددت وجهات النظر حوله حتى أصبح موضوع الساعة، وذلک ان شرعیة الحجاب الإسلامی لا یختلف فیه أثنان ، فهو فرض شرعی من أجل الحفاظ على الإستقرار فی الأ سرة وتجنب الوقوع فی خضم الفساد والفحشاء والرذیلة .

ولاشک إن المجتمع یتشکل من الرجل والمرأة ، وهذان الأثنان یختلفان من الناحیة الجسدیة والمادیة، ومعنى ذلک أن الله سبحانه وتعالى خلق کل واحد منهما على أساس صفات وخصوصیات خاصة به، وجعل لکل منهما وظیفة وتکلیف على أساس صفاته وسلوکه . وأما من الناحیة الروحیة والمعنویة، أی من جانب الإنسانیة فلا یوجد فرق بین المرأة والرجل مطلقاً، ولا یحق ترجیح أحدهما على الآخر، بمعنى أن الرجل یستطیع أن یصل إلى الکمال اللائق به، وکذلک المرأة تستطیع أن تصل إلى هذا الکمال، ولکن تختلف مسیرة کمالهما طبق خلقتهما، والوظائف الملقاة على کل واحد منهما، فخلْق المرأة بشکل جذاب ومثیر، یؤثر على الرجل اکثر من الطرف المقابل، ولهذا فرض الله على المرأة حجاب والستر والفضیلة، حتى تتمکن من الحضور فی المجتمع بکل سهولة من خلال ارتداء الحجاب، والمساهمة بالنشاطات الإجتماعیة المختلفة دون حرج، فلا یتأثر الرجل بوجودها کأنثى وانما کعنصر یعمل بنشاط فی الاعمال المختلفة. ومن جانب آخر لا یشکل الحجاب ضغطاً وعائقاً على المرأة، لأن النساء یحتجن إلى الحجاب بفطرتهن التی فطرهن الله علیهن، والمرأة التی لها فطرة سلیمة طاهرة هی بذاتها ترنو للستر والتحجب، لأن فیه عفتها وصیانتها وسلامة دینها، وحفظها من العیون الشرهة .

فالإسلام یؤکد کثیرا على مسألة الحجاب ، حیث نرى ذلک واضحا من خلال الآیات الکریمة والسُنة التشریعیة والروایات فی هذا الخصوص.

وعلیه فالحجاب هو أفضل الواجبات وأکثرها تأمینا لسلامة وعفة المرأة من الأشرار والمجتمع .

ان أهمیة هذا البحث تظهر لکثرة وجود عوامل إباحیة وإلحادیة فی الوقت الحاضر، وأصبح إمکان طمس الحقائق وتلبیس الحق بالباطل والباطل بالحق شائعا. فتأکید وجوب وضرورة الحجاب امرمهم للغایة، وخصوصاً فی عصرنا الحاضر بعدما أصاب المجتمع الکثیرمن فتن الاغراء والتعری التی اوردها الغرب وحاول غرسها فی المجتمع الإسلامی من خلال استغلال المرأة وحثها على التبرج وخلع حجابها بالکامل، ومن اجل الحفاظ على المرأة المسلمة وحمایتها من الوقوع فی المخاطر والمنزلقات الاخلاقیة وبالتالی انحطاط المجتمع برمته، تأتی ضرورة وجود الحجاب الذی ترتدیه المرأة لیسهل علیها الخروج إلى المجتمع وتأدیة واجباتها ومهماتها . فالحجاب هو أفضل وسیلة وأحسن وضْع یحمی المرأة من المخاطر والانحرافات ، ذلک لأنه من خلال الحجاب تتمکن المرأة من تبلیغ رسالتها فی المجتمع ، وتتمکن من الوصول إلى الکمال المعنوی الذی خلقت من أجله .

وما نهدف له فی هذا المجال:

1-        بیان حدود وکیفیة الستر فی لباس المراة المسلمة لانه لابد للنساء المسلمات ان یعرفن وظائفهن الدینیة بصورة کاملة حتى یقفن ویصمدن بوجه الهجوم الثقافی الذی یشنّه الاستکبار العالمی على الاسلام من خلال اشاعة الازیاء المتحللة والفاضحة. ومع الاسف تأثر بعض النساء المسلمات بهذه الازیاء وساعدن الاعداء للوصول الى مقاصدهم، وعلیه  فلابد من تعریف لبس الحجاب الکامل الذی یریده الاسلام للمراة حتى تستطیع ان تمیز الحجاب الاسلامی عن غیره .                   

2- تبیین اهمیة حضور المراة فی المجتمع وعدم تاثیر الحجاب على ذلک .

        3- اثبات ان الحجاب طریق لصیانة المراة من أذى الاخرین .

        4- بیان الأخطاء الشائعة إجتماعیاً بالنسبة لمسألة الحجاب .

        5- المساهمة فی تطبیق أحکام القرآن فی موضوع الحجاب ومقارنتها مع ظروف الجیل الجدید ، والإجابة على الشبهات التی تثار حول وجوب الحجاب وحدوده، فأن آیات القرآن الکریم جاءت لکل البشریة ولکل مراحل التأریخ کما هو معلوم.

تعریف بعض المفاهیم المتعلقة بالحجاب الاسلامی:

1) أصل الحجاب من حجب : کل شیء منع شیئا من شیء فقد حجبته حجباً .                والحجاب : إسم ما حجبت به شیئا عن شیء و یجمع على حجب .

2- حجب : الحجب والحجاب : المنع من الوصول . حجبه حجباً ، حجاباً .

3- حجبه حجباً وحجاباً : ستره ، الحجاب ما احتجب به .

4- الحجاب إسم ما حجبت به شیئا عن شیء ویجمع على حجب .

5- الحجاب : الستر ما احتجب به (جمع حجب ) لا غیر .

6- الحجاب ، الستر ، حجب الشیء یحجبه حجباً و حجاباً وحجبه ، ستره ، وقد احتجب وتحجب  من وراء حجاب و امرأة محجوبة قد سترت ستر .

7- الخمار : ثوب تغطی به المرأة رأسها والجمع (خُمُر) .

2) خمر : أصل الخمر : ستر الشیء ویقال لما یستتر به : خمار ، لکن الخمار صار فی التعاریف اسما لما تغطی به المرأة وجمعه خمر .

1- خمر : مادتها موضوعة للتغطیة و المخالطة فی الستر .

2- الخمر : الستر .

3- قبل : کل ما ستر شیئا فهو خماره . ومنه خمار المرأة تغطی به رأسها .

4- جمعه : أخمرة وخمر .

5- خمار : شیء یضع على الرأس .

6- خمرتها : ما غشی المخمور من الخمار .

3) الستر : ما یستر به جمعه (ستور) و (( السترة )) بالضم مثله قال دین فارس ( السترة ) ما استترت به کائنا ما کان و(( الستارة )) بالکسر مثله و( الستار) یحذف الهاء لغة و( استرت ) الشیء ( ستراً ) من باب قتل .

4) الجلباب : ثوب أوسع من الخمار دون الرداء تغطی به المرأة رأسها وصدرها .

ذکر المفسرون و أرباب اللغة عدة معان له :

1- أنه الملحفة و هی قماش أطول من الخمار یغطی الرأس و الرقبة والصدر .

2- أنه المقنعة والخمار .

3- أنه القمیص والفضفاض الواسع .

5) جیب : وکُنی عن الصدور بالجیوب لانها ملبوسة علیها .

إن لموضوع الحجاب سابقة قدیمة حیث ترى ذلک موجودة فی کتب التورات والإنجیل و بعد أن جاء الاسلام وضعت قوانین و حدود خاصة للحجاب ، قد ذکرت من خلال آیات مختلفة فی القرآن ، کذلک نجد الائمة علیهم السلام أکدوا على الحجاب وبالخصوص سیدة الزهراء علیها السلام التی کانت قدوة للمرأة الکاملة فی حجابها .

ونرى على مر التاریخ الاسلامی وجود مؤلفین کثیرین بحثوا فی مورد الحجاب وفی فلسفة الحجاب وحدوده ، ومن ضمن المؤلفین الذین برعوا فی کتابة موضوع الحجاب :

1- للشهید المطهری (قدس) کتاب مسئلة الحجاب ، فی خمسة فصول ، ذکر فی الفصل الأول تاریخ الحجاب ، الفصل الثانی ، عوامل ایجاد الحجاب ، الفصل الثالث فلسفة الحجاب فی الإسلام ، الفصل الرابع إستکالات على الحجاب ، الفصل الخامس الحجاب الإسلامی .

2- فتحیة فتاحی زادة ، الحجاب من نظر القرآن والسنة ، فی تسعة فصول ، الفصل الأول تاریخ الحجاب ، الفصل الثانی تعریف مفاهیم ، الفصل الثالث ، عوامل توسعة العفة والحجاب ، الفصل الرابع فلسفة الحجاب ، الفصل الخامس حدود الحجاب ، الفصل السادس ، کیفیت الحجاب ، الفصل السابع الحجاب واصل البیت ، الفصل الثامن حجاب المرأة فی المجتمع ، الفصل التاسع عوامل السفور وطرق مکافحتها . المبحث السادس : نوع التحقیق وطریقته .

فالحجاب هو أهم شیء فی شخصیة المرأة المسلمة ، وله دور مهم فی ضبط جانب الأخلاقی للمرأة وهو أفضل سلاح و أقوى حاجز للمرأة المسلمة فی المجتمع کونه حافظا لکرامتها من البعدین عن القرآن والإسلام .